بقلم / عفراء حريري
ما كان لتلك التجربة أن تمر هباء، دون أن أسجلها وأكتب عنها، وقبل أن أبدأ أودّ أن أشكر كلُّ شخص( نساء ورجال) سأل عني وعن صديقتي، على الرغم من أن كلمة شكرًا قليلة أمام تلك المشاعر، حتى أولئك اللواتي حاولن تكذيب ماحدث، فلا ملامة ولاعتاب( فكلُّ إناء بمافيه ينضخ)، ولن أحكي رواية عن شيء من الخيال، وإنما سأكتب عن حادثة ليس لها علاقة بالقانون وإجراءته وأرسم لوحة بأحرف كلماتي عمن يتمتع بأذية الناس إلى حد تقشعر منه الأبدان والنفوس ويتعامل معهم على أنهم حيوانات وليسوا بشرًا. فيتفنن في ذلك وهو يسوقهن مثل البهائم إلى حوش قسم الشرطة، ثم يغلق البوابة ويعطي الأوامر بعدم فتحها والسماح بالخروج لتلك البهائم التي أستطاع أن يصطادها بالتهديد اللفظي، والعجرفة والفضاضة والاستهزاء والسخرية، لأنه يمتلك القوة وهو خلف مقود سيارة هيلوكس جديدة عليها شعار الشرطة، وفي الخلف مجموعة من الافراد مدججين بالسلاح، يستطيع إعطاء الأوامر لهم اي -لقطيع اخر- بعدم الحديث و إلتزام الصمت، ويعطي الأمر لسائق السيارة وأنا وصديقتي وبعض الأخوات بالسير وهو خلفنا بسيارة الأمن، وتوقف عند توقفنا لإنزال الأخوات واعطاءهن اليافطات التي رُصت فيها كلمات تنادي بالحقوق الاساسية دون سواها. لأحد منكن ومنكم يتصور ما تشعر به في تلك اللحظة من مشاعر مختلطه من الإهانة و الذل وكسر النفس وتظن في مخيلتك ومخيلتك وحدها إن أي إجراء يتم تجاه الناس لابد أن يكون بحسب القانون خلال تلك الساعة، سواء كان ظنك مخيبًا أو حقيقيًا ، أو مع تلك الدهشة وانت تبحث عن سبب الإصرار على أخذك لقسم الشرطة دون أي كلمة للرد على سؤالك، ولا حتى سؤالك من أنت واعطني وثائق هويتك؟ أي كلمة …لم نسمع غير كلمة هيا وبصوت عالي:” إلى الشرطة؟؟؟” وتدور في ذهنك صور كثيرة من الماضي والعذاب النفسي فترة الحراك الجنوبي في الساحات ( خورمكسر، الهاشمي، الضالع، المكلا …وغيره) خلال تلك المدة الزمنية ومدى إمكانية أن يتكرر الأمر، والذي بالفعل تكرر في تلك الواقعة، التي لم تتوقع أن تحدث معك وأن تحت راية( الجنوب و أفراد أمن الجنوب وضباط الجنوب) لأنك منهم و فيهم- مثلما يقولوا كلما مررت بهم أو ألتقيتهم – محض صدفة- كان تأثير هذا الأمر عليّ أشد وقعًا من أي شيء آخر حتى وإن كنت في ظل التعذيب الجسدي أو غيره من صنوف فنون التعذيب الذي تجيدها قوات الامن وماتسمى قوات أمن على امتداد الجنوب واليمن والوطن العربي بأكمله، تظل هذه الواقعة الابرز عندي.