cps – الكاتب أسعد عمر
بقراءة واقعية لمشهد التحولات التي مرت بها القضية الجنوبية و ما تزال نجد ان فعاليات الحراك الجنوبي قد تمكنت من جعلها قضية محورية في ظروف صعبة ما وضعها في دائرة الاهتمام على المستوى الوطني و الدولي .
و قد كان للزخم الجماهيري المتصاعد منذ انطلاق فعاليات جمعية المتقاعدين حتى اتساع نطاق الفعاليات الشعبية خلال العامين ٢٠٠٧ و ٢٠٠٨ الاثر الكبير في تهيئة البيئة المناسبة لظهور اطر و مكونات معبرة و تكريس مفاهيم اكثر شمولا تجاه استحقاق الشراكة للجنوب و معالجات المظلوميات المتشكلة بعد حرب ١٩٩٤م .
حيث ادت تجمعات و فعاليات الحراك الشعبية لميلاد العديد من المكونات و بروز العديد من القيادات التي تولت الى جانب الحزب الاشتراكي اليمني تقديم قضية الجنوب و تبني مطالب ابنائه و ان اختلفت في تقديم المطالب تحت سقف شعارات متفاوتة لتحقيقها تنوعت بين استعادة الشراكة في اطار اليمن الاتحادي او بالانفصال في حدود ما قبل عام ١٩٩٠ او بفك الارتباط و غير ذلك من المطالب التي تعد في مجملها حقاً مشروعاً اياً كانت حدودها و افاقها .
و مع ازدياد تفاعل الاحداث و ظهور المتغيرات على المستوى المحلي و الدولي فقد تخلقت بيئة جديدة في مسار نشاط و تأثير مكونات الحراك و نتج عنها فرز و تفاوت تركيبتها و تحالفاتها فظهر المجلس الانتقالي كاكبر المكونات على المستوى الجماهيري و من قبله الحراك المشارك في مؤتمر الحوار الوطني كابرز المكونات الحاضرة سياسيا بينما حافظت مكونات اخرى على حضورها في التعبير عن القضية الجنوبية كالمجلس الاعلى للحراك الثوري و تكتل المستقلين و غيرهم من المكونات ومع استمرار عمل المكونات و تنافسها و اتساع نطاق مطالبات المجتمع و فعالياته للمطالبة بالشراكة و الاستحقاقات المحلية و عدالة التنمية و توزيع الثروات برزت مكونات جديدة كحركة النهضة و الائتلاف الوطني الجنوبي و حلف قبائل حضرموت و مؤتمرها الجامع و حضرموت الوطني و مجالس شبوة و المهرة و سقطرى و غيرها من المكونات الاجتماعية التي برزت في سياق انشطة فعاليات ابناء الوطن في الجنوب كما بدت ضمنها دعوات اخرى مثلتها قيادات حزب الرابطة و اصحاب ارث السلطنات بمطالب تدعو لاعادة حدود و هوية الجنوب لما كان قبل ثورة الرابع من اكتوبر ١٩٦٣ م فخرج منها من ينادي بالجنوب العربي و اخرى تنادي استعادة السلطنات و مطالبين بدولة جديدة في حضرموت …الخ .
و اياً كانت المطالب و الفوارق في تركيبات المكونات و احجامها و مشاريعها فان الجميع اصبح امام واقع متغير في الجنوب و الشمال تجاوز حدود كل المطالب و قدرة المكونات المعبرة عنها او المنادية بها خاصة مع طول امتداد حرب الانقلاب و استمرار سيطرة الجماعة الحوثية على غالبية شمال اليمن و اتساع نطاق الفاعلين الدوليين في اليمن و تنافسهم المحموم على المصالح فيه .
و مع كل ذلك فإنه لا يمكن اغفال ما تحقق من انجازات محسوبة لمكونات الحراك في انتزاع مكانة لقضية الجنوب و فرض مطالب شراكته و استحقاقات ابنائه و التي ينبغي الحفاظ عليها و تفادي مظاهر تقلص شعبية مكونات الحراك الاساسية و مكانة القضية الجنوبية بعد كل ما حصل و يحصل من خلال تحول هذة المكونات و تطوير برامجها و اليات عملها للتعامل مع المتغيرات بصورة اكثر واقعية خاصة المجلس الانتقالي .
اذ ينبغي للمكونات الجنوبية و الوطنية الوقوف على ما تشكل على المستوى الجنوبي و الوطني و ادراك حجم المتغيرات و التبدلات و الافرازات المتشكلة المهددة لوحدة كل شطر في اليمن فقد ظهر منها الشرق و الغرب على حساب الشمال و الجنوب ناهيك عن بروز الكثير من مظاهر الانقسام الطائفي الذي تشكل بحكم هيمنة انقلاب جماعة الحوثي و ما ترافق معه من صور الانقسام اجتماعياً و مناطقيا خاصة في الجنوب و ما تم من احتواء و قولية لاغلب مكونات الحراك الجنوبي و غيرها من المكونات السياسية و الاجتماعية في عموم اليمن و تأثيرات ذلك على مستقبل اليمن ككل و على مكانة القضية الجنوبية في كونها البوابة الانسب لحل القضية اليمنية .
لقد ان الاوان للمصارحة بدلا من المناكفة و تصيد الاخطاء و دعوة جميع المكونات للوقوف بمسؤلية و تجرد لاستكشاف المآلات و استلهام الدروس من وقع التجربة و الممارسة العملية و تجنب الانزلاق لما هو أسوأ باستدراك اللحظة و الالمام بمتطلبات المرحلة للحفاظ على ما تحقق من انجازات لنضالات مكونات الجنوب و هذا ما يفرض عليها التحول لتطوير مشاريعها و الخروج من حالة انكماشها بالمبادرة نحو اداء دورا اكثر فعالية و بافاق تشمل كافة جغرافيا اليمن لتجنيب نفسها مغبة الخوض في صراع مترامي الاطراف في حدود مشاريعها و مطالبها و مراعاتها لما يأمله و ينتظره منها ابناء المحافظات التي يسيطر عليها الحوثي الذين يعولون كثيرا عليها و بكون مكونات الحراك و على وجه الخصوص المجلس الانتقالي معنية منذ البداية بتحمل مسؤلية تاريخية و اخلاقية تجاه كل اليمنيين و مصير دولتهم و لتخرج بدلك من حصار الضغوط التي ستبقى حائلا امام تحقيق مطالبها .
لقد اصبحت جميع مكونات الحراك الجنوبي مُلزمة بالتحرك الايجابي و الانطلاق للامام و الانتصار لنفسها بانتزاع مكانة جديدة للجنوب و شراكته في قرار رسم مستقبل اليمن الجديد و ادارته .